حكاية عم شحاتة: الجزء (١\٣)
يوم ٨ سبتمبر سنة ٢٠٠٦…
أحمد شحاتة
كانت نهاية الصيف و مفروض إن الحر إبتدى يهدى بس للأسف كان فى أماكن لسه الجو فيها ميفرقش حاجة عن الفرن زى المكتب بتاعنا, انا كنت بشتغل المدير التسويقى لشركة عقارات كبيرة و كنا شغالين على مشروع تسويق لكومباوند جديد بره القاهرة على بداية طريق السخنة و طبعاً مشروع زى ده كان مصروف عليه ملايين و كنت انا و الفريق بتاعى مسئولين عن حملات الدعايا الأونلاين و الأوفلاين.
انا كنت مرتبط جداً بالفريق بتاعى, كل واحد فيهم دماغ تتاقل بالدهب, مشكلتى الوحيدة معاهم إنهم مبيلتزموش بالديدلاينز و إنى كنت بحبهم فمبعرفش أقفش عليهم و عادةً لما كان بيحصل مشكلة كنت أنا اللى بتصدر و أشيل خراهم, معلش انا بعتذر عن ألفاظى بس انا إتعودت على طريقة الكلام دى, السوق بيعلمك تتكلم بطريقة أسوأ من دى كمان بس الواحد بيحاول يحتفظ بأدبه قدر الإمكان.
فى العادى مكنتش باجى المكتب خالص إلا للضرورات القصوى زى إنهارده, إنهارده مفروض إنى كنت هقعد مع مدير الشركة التنفيذى و المدير المالى فى إجتماع مغلق عشان نتابع التطورات على حسب الخطة اللى متفقين عليها و قلت بالمرة هخلص الإجتماع ده و أقعد مع فريقى عشان نشهل شوية فى الشغل.
دخلت للمدير مكتبه كانت الساعة ٣:١٥ و قعدنى و سألنى أشرب إيه, عادةً عمره ما كان بيعمل كده, يعنى أه هو راجل ذوق جداً بس هو بتاع شغل بس و وقته محسوب بالثانية و معندوش وقت يضيعه.
استغربت برضه لأن المدير المالى مكانش موجود و حسيت إنها هتبقى حركة غبية منى إنى أسأل فاتشكرت للراجل و قلتله نخلص شغلنا الأول و بعد كده ممكن نشرب.
الراجل ابتسملى و مد إيده ليا بظرف, و ده برضه كان حاجة مش طبيعية فى شغلنا لأن عادة كل واحد بيبقى قدامه اللابتوب بتاعه و الحاجة اللى بنحتاج نشوفها يا بتتبعت فى ايميل أو بتتعرض عالبروجكتر, محبتش أضيع وقت و فتحت الظرف فلقيت فيه فلوس, فسألت المدير "إيه ده؟"
مسك سيجارة و ولعها و بكل هدوء قاللى "ده تقدير لمجهوداتك سنين معانا", المبلغ اللى كان فى الظرف مكانش صغير فقلتله "انا متشكر جداً لحضرتك بس ده كتير".
ضحك ضحكة مكتومة و قال: "لأ يا شحاتة ميغلاش عليك أبداً تقدر تعتبر دى مكافأة نهاية الخدمة"
نعم؟
انت بقالك كتير هنا و أخدت خبرة كويسة و أكيد ألف شركة تتمناك, بس فى الوقت الحالى إحنا بنمر بظروف جديدة و بنغير من شكل شغلنا فبتمنالك كل التوفيق.
طبعاً انا سمعت الكلام ده و أخدت الصدمة و طلعت من المكتب وشى فى الأرض و أول ما طلعت لقيت واحد من الموظفين اللى تحتى فى الفريق بينادى عليا و بيقول: "أدينى أهو جيتلك بدرى المرة دى عشان متقولش حاجة"
ضحكت عشان أخبى زعلى و عشان البديل إنى كنت هعيط قدامه و قلتله "الله ينور عليك" كنت بفكر أمشى و أسيبه و أسيب الاجتماع بتاع الفريق لأنه كده كده مالوش لازمة بس غيرت رأيى و لقيتها فرصة كويسة أودع فيها الناس.
فضلت قاعد انا و الموظف ده فى مكتبى و كنت بتجنب إنى أحكيله أى حاجة و الناس ابتدوا ييجوا واحد ورا التانى على مكتبى لحد ما كل التيم بقى موجود ما عدا موظف واحد اسمه "صادق" مجاش فقررت أبتدى الاجتماع و أشرح اللى حصل إنهارده و طبعاً محبتش أقلقهم بخصوص وظايفهم لأنى كنت متوقع إنه مفيش حاجة هتتغير غير إن المدير هيجيب مدير تسويق مكانى بس و الدنيا هتمشى.
طبعاً فى ناس كانوا بيتعاطفوا معايا كنوع من المجاملة و فى ناس تانى كانوا فعلاً متضايقين إنى ماشى.
بعد الفقرة الحزينة دى قلتلهم إنهم يقدروا يمشوا و انا قعدت شوية فى المكتب عشان ألم حاجتى قبل ما أمشى انا كمان.
و انا طالع من المكتب شفت صادق فجيت أنادى عليه مردش عليا, صادق كان من أقرب الناس لقلبى و مكانش ينفع أمشى من غير ما أسلم عليه, انا و هو كنا دفعة واحدة و ابتدينا شغل فى الشركة هنا مع بعض فكان بالنسبالى عشرة عمر.
المهم جريت عشان ألحقه و مسكته من كتفه فبقوله:
إيه يا عم انت اتطرشت ولا إيه؟ مش سامعنى بنادى عليك؟
لأ معلش يا صاحبى مخدتش بالى.
ولا يهمك, انا كنت حابب أسلم عليك بس عشان خلاص انا سبت الشركة.
إيه ده ليه كده بس يا عم, عموماً ربنا يوفقك إن شاء الله, معلش بس مستعجل عندى مشوار هقابل عميل بس هكلملك, يلا سلام.
كان باين على صادق إنه متوتر و شكله مخبى حاجة, فعلاً عرفت بعدها بكام يوم إنه مسك مكانى مدير تسويق و كنت مبسوطله بس فى جزء كان غيران بصراحة خصوصاً إنى متعسف فى فكرة إنى ألاقى شغل تانى و كنت متضايق إنه مقاليش حاجة و فضل مخبى عليا.
بس عرفت كمان بعد كده من الفريق إنه بيتعامل معاهم وحش و إن السبب الأساسى لنجاحه هو إنه كان عصفورة المديرة و بينقله كل صغيرة و كبيرة و كان ناقل صورة مش صح عنى و عن شغلى, اتعصبت يوم ما عرفت الحوار ده و كنت بفكر أروح أبهدله و اتخانق مع المدير بس أدركت إن ده مش هيرجعلى شغلى فمش فارقة بقى.
![]() |
Comments
Post a Comment