صفر من عشرة


*احتياطى هيه, احتياطى هيه*

 - تفتكر حد هياخد الحصة دى و هيروحونا بدرى و لا هيجيبوا تربية عملى؟

= معتقدش لا ده ولا ده, مس ثرية لما بتغيب دايماً بتقول لحد تانى ييجى يشرح مكانها.

- يا عم ما دى مش حصة عربى أصلاً, دى sciences.

= إيه ده؟ مستر سعيد غاب؟ انا مش مصدق نفسى !

- يا موحا ما هما كانوا قايلين أصلاً إنه هيروح الScience fair فى نص التيرم.

= أيوه صح, ده شادى فى 5B كان قايلى إنه رايح. يلا كويس انا مبحبش مستر سعيد ده أصلاً.


عمرو

انا آسف دخلت فى القصة على طول بس اليوم ده كان ضحك ميتنسيش, بالمناسبة انا عمرو و سامح صاحبى من و إحنا صغيرين, من أيام المدرسة بالتحديد.

سامح كان شاطر أوى بس فى نفس الوقت مكانش بيحب يبان معرفش ليه, يعنى مثلاً و إحنا فى المدرسة وقت الScience fair ده لو كان راح كان هيفشخ الواقع لأنه ذكى جداً بس هو يمكن كان بيخاف دايماً إنه يفشل أو مثلاً على المدرسة كان بيخاف من فكرة إنه ميطلعش الأول, هو كان فى العادى بيطلع التانى أو التالت عالدفعة و متأكد إنه كان يقدر يطلع الأول بس هو اللى مكانش عايز, يمكن عشان كان هيفضل دايماً تحت ضغط إنه لازم يطلع الأول.
حتى مقاييسه كانت مضحكة, لما كان يقفل إمتحان كان يقول انا نجحت فى حين إن كلنا بننجح عادى بس هو لو مقفلش الإمتحان مبيقولش انا نجحت لأن من جواه كان بالنسباله ده فشل.

معلش انا بتوه شوية وسط الأحداث بس انا لسه مقابل سامح من شوية و كان بقالنا كتير محكيناش فبستعيد ذكرياته معايا.
خلينا نرجع تانى لقصتنا.


فعلاً دخل مدرس تربية عملى زى ما توقعت اللى هو دوره كان حرفياً إنه يسكتنا طول الحصة, يعنى ولا منها بنستفيد بالحصة كشرح و دى كانت آخر حاجة عايزينها كأطفال ولا سايبنا ننزل الملعب.
المستر كان شكله لطيف و فعلاً بعد ما قعدنا شوية ساكتين قالنا هلاعبكم لعبة بس بشرط محدش يعلى صوته فكلنا اتحمسنا جداً و فى ولاد طبلوا عالديسك بس هو فى ساعتها زعق و قال خلاص مفيش لعب.
طبعاً هنا جه دور البنات فى النحنحة و فى أصوات متداخلة قالوا: "يوه يا مستر" "معلش يا مستر خلاص هنسكت" "مش هنعمل صوت تانى يا مستر".
وافق على طول فى ساعتها و ساعتها ابتديت أحس إن البنات ليهم قيمة زى ما باقى الولاد فى الفصل بيقولوا و هيموتوا عليهم, معرفش على إيه يعنى, يمكن إبتديت أحبهم فى إعدادى و فهمت ليه بعدين, النحنحة و الدلع و حاجات تانى مش هينفع أقولها بيبقى ليهم سحر خاص مع أى واحد فينا.

المهم المستر إبتدى يشرح اللعبة, بإختصار يعنى هى كانت Stand up comedy, اللى بيكسب هو اللى بيقدر يضحك البنات فاللعبة ابتدت إن شريف قعد يقول نكت و يغنى بصوت وحش و بعد كده إحنا الولاد طبلناله و رقص فالبنات كلها قالت فى صوت واحد "عشرة من عشرة... عشرة من عشرة"
المستر شاورلهم عشان يوطوا صوتهم و بعد كده جاب شريف تانى عند السبورة و وقف وراه و هو ماسكه من كتفه و قال كده شريف كسب, يلا مين اللى بعده؟
كل الولاد تقريباً رفعوا إيديهم ما عدا سامح. المهم بعد كده إختار ولد تانى إسمه يوسف و برضه كانت نفس النتيجة "عشرة من عشرة" و حصل نفس السيناريو بس المرادى المستر طلع حسين.
حسين قال أول نكتة محدش ضحك و كل البنات فضلوا ساكتين, هى النكتة كانت وحشة أوى بصراحة بس لما قال النكتة التانية -اللى كانت أوحش من الأولانية- كل البنات قالوا "ييييي" و شاوروا بإبهامهم لتحت و قعدوا يقولوا "صفر من عشرة", حسين كان عنده ثقة غريبة بنفسه و كمل و بصراحة قال كام نكتة كويسين بعد ما كمل بص البنات فضلوا مكملين بنفس الطريقة, ساعتها كنت مستغرب ليه ياخد صفر, كان ممكن ياخد مثلاً 5 أو أقل حتى لو عايزين بس صفر دى يعنى كأنه معملش أى حاجة تضحك فحرام.
كملنا نفس السيناريو بعد ما طلع 3 ولاد تانى ما بين "عشرة من عشرة" و "صفر من عشرة" لقيت سامح رفع إيده و برغم إنى كنت رافع إيدى كل المرات اللى قبل كده بس سامح من أول مرة رفع إيده المستر شاورله يطلع عند السبورة و هنا كانت بداية الضحك و المأساة.

سامح قرر يجازف و عكس كل الناس اللى ابتدوا بنكت قرر يمثل جزء من كارتون توم و جيرى و دى كانت فكرة مبتكرة بصراحة لأنه قرر يعمل الدورين, كأنه توم فبيجرى شوية و بعد كده يبقى جيرى و يستخبى تحت ديسك و يرجع تانى توم و هكذا.
للأسف محدش فهم ده فالبنات كلهم اشتغلوا ب"صفر من عشرة" و هو كان مندمج لدرجة إنه و هو بيجرى اتزحلق و وقع على راسه فالمستر جرى عليه خاف يكون حصله حاجة بس هو قام ضحك كأن مفيش أى حاجة حصلت و بعد ما خلص المستر قال بطريقة ساخرة "ممكن تفهمنا إيه اللى كنت بتعمله ده؟"
هو شرح فكرته و بعد ما خلص المستر قاله "برافو عليك" بعدم إهتمام.
بعد ما سامح قعد و كان كله مركز مع الولد اللى طلع بعده مسك راسه و قعد يعيط, مش عارف إذا كان ده بسبب الوجع ولا بسبب الإحراج بتاع الوقعة ولا بسبب ال"صفر من عشرة" كان نفسى أروح أطبطب عليه بس بصراحة مكنتش قادر أبطل ضحك من منظر الوقعة.


- إنت زبالة يا عمرو إنت إزاى لسه فاكر القصة دى؟

= بالذمة قوللى إزاى أنسى حاجة زى دى؟

- هو الصراحة انا مش ناسيه بس ده عشان اللى انا حسيته ساعتها, إنما إنت تفتكره ليه؟

= أ موحا إنت إتضايقت ولا إيه؟ 

- يا عم لأ عادى, بس يا رب متكونش فاكر حاجة تانى من الأيام السودة دى.

= بص انت الصراحة مكونتش بتاع حوارات و مكونتش باين, بس هى البت نور دى اللى كان ملهاش حل و مكنتش مركز مع أى حاجة فى المدرسة غيرها.

- بس نور مكانتش حلوة للدرجة.

= يا جدع أقعد ساكت دى كان عليها حتة ***

- مش بقولك زبالة !


سامح

طول ما عمرو كان عمال يحكى كان فى دماغى حاجة واحدة بس "نور", نور بالنسبالى بعيداً عن جسمها اللى عمرو كان هيموت عليه و بغض النظر عن شكلها اللى مكانش حلو بس هى كانت أول بنت تلفت نظرى و تخلينى أحس بحاجة بتحصل جوايا, مقدرش أقول عليه حب لأنى لحد النهارده مش قادر أعرف إيه هو الحب ده بظبط بس انا كنت بتبسط لما بشوفها, كان إحساس أحسن ما جبت جون و إحنا بنلاعب سنة 6 إحساس حاجة كده فيها حماس و إنبساط و معدة بتتكركب و خوف و مش عارف أقول إيه تانى بس هو مفيش حاجة شبهه.
المهم لما كان عمرو بيتكلم فأنا عمرى ما نسيت الموقف ده بس كان لازم أعمل عبيط, انا بطبعى مبحبش أبين مشاعرى قدام حد ما بالك عمرو اللى هيقعد يذلنى, بعيداً عن خبطة الراس اللى كانت هتجيبلى إرتجاج فى المخ بس أكتر حاجة وجعتنى بصراحة إن فى وسط دوشة البنات انا كنت باصص على نور, كنت فاكر إنها هتفهمنى, كنت بسذاجتى متخيل إنها هتزعق فى النص و هتقول "عشرة من عشرة" دى كانت أول مرة أحس إنى صفر من عشرة, مش عشان أى حاجة غير إنى كنت مستنى أشوفنى فى عينيها زى ما انا شايفها بس هى مكانتش شايفانى أصلاً و انا شفت ده لأنى كنت باصص فى عينيها فلما شفت إنعكاسى لقيت صفر, حرفياً ولا حاجة.

إفتكرت بعدها فى إعدادى أيام بداية الشقاوة, كنت بكره نفسى فى إبتدائى, كان نفسى أبقى روش و انا شايف إنى ذكى كفاية و عندى potential لده فكنت بشتغل على نفسى و بقيت نقيض تماماً للشخص اللى كنت عليه فى ابتدائى.
عملت شلة انا و عمرو و كام واحد صاحبنا معرفش عنهم حاجة دلوقتى مع كام بنت بحكم إننا كنا بناخد دروس مع بعض و بنذاكر مع بعض و تقريباً كله كان مصاحب فى الوقت ده بما فيهم عمرو و انا كان نفسى أبقى زيهم, مش عشان هما جامدين لأنى كنت مقتنع إنى أجمد منهم كلهم بس إشمعنا كلهم فى بنت فى حياتهم بتهتم بيهم و يفضلوا مقضيينها طول الليل مكالمات و انا لأ؟
كان فى بنت لطيفة فى الشلة اسمها "مارلين" مكانتش حلوة شكلاً, للأمانة كان شكلها وحش بس هى إحلوت فى عينيا بسبب إنها كانت لطيفة معايا, فى الوقت ده قلت يلا بينا نجرب بس زى ما عمرو قال انا كنت جبان, كنت بخاف من الفشل, بخاف من الرفض, كنت حاسس إنى وصلت ل"سبعة أو تمانية من عشرة" بعد ما كنت صفر و مكنتش عايز حد يرجعنى للصفر تانى.
بعد فترة طويلة بجاهد مع نفسى أقولها روحت بعتلها مسج عالfacebook و شافتها و مردتش, طبعاً ده كان رد كافى بالنسبالى إنه بما إنها بقالها 5 دقايق بحالهم مردتش فلازم أنسحب, قلتلها إنى بعتت المسج دى بالغلط و ده كان من أغبى ردود الفعل اللى فى الحياة بس مخى إتشل ساعتها و دى كانت تانى مرة أحس إنى ولا حاجة.
طول الفترة دى كنت عمال أحاول أثبت لنفسى إنى مش صفر فكنت أروح أقول لبنت و التانية و التالتة "انا بحبك" و يليها "سورى المسج دى مش ليكى" و الردود تطورت و بقت أذكى نتيجة للرفض المتكرر بس الإحساس واحد "انا صفر من عشرة".
لما دخلت ثانوى عقلت شوية و ابتديت أفهم إنى قيمتى مش فى علاقتى ببنت, أو ده اللى أقنعت نفسى بيه عشان مش مستحمل أترفض تانى.

قبل الجامعة علطول قابلت بنت بصدفة غريبة و لأول مرة أحس إنى أتحب بسببها, أول مرة حد يمسك إيدى لدرجة إنها تعرق و ميقرفش فيسيبها, حد يبقى مبسوط عينيه بتوسع لما بيشوفنى, حد مبسوط إنه لازق فيا, حد مهما كانت خناقاتنا بيخلى الحب يكسب و يغطى عالمشاكل.
بس المرادى مش هى اللى رفضتنى, الحياة هى اللى رفضتنى و وقفت فى وشى إنه مش هينفع نكمل, ناس كتير كانت بتقول إنه إحنا اللى بنختار نكمل أو نقف و إن إحنا مسئولين عن قرارتنا فأنا معنديش عذر فخلينى أقول انا موافق الجزء الأولانى بس التانى هقول إنى معذور لأن أه انا اللى أخدت القرار بس الحياة ظالمة, بتزنقنا فى حتت ملهاش مخرج فاللى هو كمل براحتك بس ورينى هتكمل إزاى.

رجعت لصفر جديد بعد ما كنت أخيراً وصلت للعشرة أو كنت متخيل ده يعنى, صفر مش إنى ولا حاجة بالنسبة للناس, انا ولا حاجة بالنسبة للحياة, انا كنت خلاص صدقت إن كل حاجة بعملها هتلمس حد أو هتفرق فى الحياة بشكل عام بس انا لما إختفيت و قفلت على نفسى محدش أخد باله من غيابى, لما يبقى وجودك زى عدمه بتحاول تصدق إن بالمحاولات هتخلى وجودك يعمل فرق.

بس عارف يا عمرو؟ انا من كتر محاولاتى اللى فشلت بقيت عايز أمشى من هنا.
أقولك على حاجة كمان؟ انا مش مسامح لا الناس و الحياة اللى وصلتنى لده !

Comments

Popular posts from this blog

A Walk In God's Temple

هل أستحق الموت؟ "حدث بالفعل"

كان نفسى أحبك زى ما حبيتينى !