حكاية انسان: الجزء الأول
الساعة الحادية عشر و النصف صباحا
عادة ما انام متأخرا و استيقظ متأخرا فقد اعتدت ان يكون روتين يومى اننى استيقظ حوالى الثانية او الثالثة ظهرا متجنبا يذلك حرارة شمس النهار ثم اقوم بتناول اى وجبة خفيفة و اضيع بعض الوقت فى مشاهدة فيلما ما او بتفقد اذا ما وردت اى رسائل على هاتفى او لعب بعض الالعاب حتى تغيب الشمس فتحين الفرصة لمقابلة بعض الاصدقاء لنجلس جلستنا المعتادة فى مقهى بسيط لنتشارك اطراف الحديث الذى غالبا ما كان سطحيا مثل التحدث عن مباراة الامس او فيلم جديد و قلما كان حديثنا جادا و عندما تنتهى الكلمات فتأتى الالعاب مثل الشطرنج و الدومينو لتملأ تلك الفراغات حتى نعود لمنازلنا بعد ليلة طويلة لنعيد نفس الروتين الصباحى حتى النوم.
انا اعلم ان قراءة مثل هذا الامر قد يصيبك بالملل و لكنى لا الومك فهذه هى الحياة بدون شئ يشغل وقتى و لكن قل لى ما البديل؟ و فى حقيقة الامر اذا كنت قد شعرت بالملل من قراءة هذا فكم بالحرى سيكون الامر ان اضطررت الى عيش هذه الحياة؟
فى الحقيقة انا لست مملا هكذا, يقال عنى انى من الشخصيات التى يسهل التعامل معها و انا اعتبر هذا حقيقيا لأنى لدى العديد من الاصدقاء من مختلف الدوائر باختلاف شخصياتهم و لدى مثل هذه الخبرة لخوضى العديد من تجارب الاعمال المدنية التطوعية سواء داخل الجامعة او خارجها, و لكن كل هذا بحكم ظروف هذه المرحلة.
اليوم كان مختلفا قليلا بالنسبة لى فكنت قد رتبت امورى لأستيقظ باكرا لأننى قد اتفقت مع بعض اصدقاء الكلية اننا سنذهب لكافيه لنلتقى قبل ان ننشغل كل منا فى عمله.
و لكن لسوء الحظ اعتذر احدهم صباحا لنؤجل ميعادنا ليوم اخر بدون ابداء اسباب واضحة مما اثار غضبى.
حاولت النوم قليلا بعدها لأننى لم اعتاد الاستيقاظ فى مثل هذا الوقت من اليوم و لكن باءت كل محاولاتى بالفشل و مرت الساعات بينما انا مستلقٍ على السرير اتفقد هاتفى حتى غلبنى الجوع على الساعة الرابعة عصرا فقمت لأتناول وجبة اليوم الاولى.
بعد محاولات كثيرة لقتل الوقت وجدت انه لم يمر الا ساعة واحدة فقررت انى سانزل لأتمشى الى المقهى الذى كان يبعد عن منزلى بحوالى 25 دقيقة متصلا باحد اصدقاء "القهوة" معلما اياه بقدومى و محاولا اقناعه بمشاركتى الوقت و لكن كان رده المعتاد:
"حاضر بلبس اهو و جايلك علطول" التى كانت تعنى انه لن يكون هنا قبل ساعة.
"حاضر بلبس اهو و جايلك علطول" التى كانت تعنى انه لن يكون هنا قبل ساعة.
ها قد وصلت المقهى و جلست طالبا فنجانا من القهوة و مشعلا سيجارتى التى لطالما أنست وحدتى و بحركة لا ارادية امسكت الهاتف لأتفقد عالمى.
باختصار شديد كان عالمى هو بعض الصور الطريفة التى يطلق عليها ميمز و بعض الصور لى و لأصدقائى اثناء مشاركتنا فى بعض الاعمال التطوعية و اخر الاخبار عنها و الاهم من كل ذلك كانت "سلمى".
سلمى تعد اجمل فتاة فى الجامعة بالنسبة لى, لا أتحدث عن جمالها الخارجى فقط و لكنى اضع تركيزى على جمالها الداخلى, سلمى مثل ملاك على الارض, و لكن العيب الوحيد فى سلمى اننى احبها من كل قلبى و هى لا تستطيع ان ترى ذلك ففى المقابل تعاملنى على اننى مجرد صديق.
و ما يحزننى جدا انه كان من المفترض ان اقابل سلمى اليوم مع هذه المجموعة, لأكون صريحا انا لن ابذل مجهود لأستيقظ لأجل أى شخص منهم, بالطبع اننى احبهم و بالطبع اردت ان اكسر الروتين القاتل و لكننى لم اقبل بهذا الميعاد الا بعدما قبلته فبهذا لم استطع ان ارفض.
للحظات انقطع حبل افكارى بمقابلة زميل دراسة قديم فسلمت عليه و تبادلنا اطراف الحديثو لكن ذلك ليس بالامر المهم فجلست مرة اخرى متفقدا صور سلمى مشعلا سيجارة اخرى و للحظة تسائلت بداخلى قائلا:
"ايه يلا الرومانسية اللى انت فيها دى؟ اخرتها ايه معانا؟"
بالنظر الى سلمى مرت الساعة مرور اللحظاتحتى جاء صديقى بدون ان الحظه فقبلنى فى رقبتى قبلة المتحرشين قائلا:
"مش يلا بينا فى الحلال بقى ولا ايه؟"
و بعدها لاحظ صورة سلمى على هاتفى فقال:
"و مين المزة الجامدة اللى مش عايز تسيبلى نفسك عشانها دى؟"
"و مين المزة الجامدة اللى مش عايز تسيبلى نفسك عشانها دى؟"
بطبيعتى كنت خفيف الظل بارد الاعصاب معظم الوقت خصوصا مع اصدقائى فضحكت قائلا:
"و انت مال امك؟ ما انت خاطب و قارفنا ليل نهار معلش انا مع خطيبتى بنجيب مش عارف ايه و انت اللى سايبنى يا خاين يا قليل الادب"
ضحكنا قليلا و جلسنا فطلب كوبا من الشاى و قال:
"امبارح فشخنا الدنيا فى بابجى, نزلن تيم انا و كالابالا و بلية و شغالين نكسب كل الجيمات, مجتش ليه؟"
"نمت يا عم"
"ليه؟"
"كان فى حوار انهارده مع صحاب الكلية و فكس"
"كنت رايح تقابل سلمى يا نمس"
فضحكت بالطبع و اكملت قائلا:
"فكك من سلمى و ركز معايا انا"
"مانا مركز معاك اهو يا قمر انت يا قمر سسسسس"
"طب بص هتكلم بجد, انت كراجل مرتبط الحوار ابتدى معاك ازاى؟"
"صدقنى انا مش عارف, كل اللى اعرفه انى لما شوفتها عجبتنى و على حظى انها كانت صاحبة صحابى فاتكلمنا و صدقنى من اول مرة اتكلمنا انا قلت هى دى اللى عايز اكمل معاها, و انت عارف اخوك عنتيل و شاف كتيربس انا كنت شايف ان هى دى, بس هو انت نويت ولا ايه؟"
"لأ يا عم مليش فى امهات صحابى, هى ست محترمة و متجوزة"
فضحك محاولا كتمان الضحكة و قال:
"عيل *** انا غلطان انى بعاملك راجل"
"لأ بص بجد انا حاسس انه لسه بدرى عالارتباط بس هى عجبانى و فى نفس الوقت خايف"
"من ايه؟"
"خايف تقوللى لأ, احنا اصحاب و انا مش عايز اخسرها"
"تصدق انك *** فعلا؟ و هو يعنى لما تستنى لما ترتبط مش هتبقى خسرتها كده؟"
"بص انا مش عايز افكر فى الحوار"
"بقولك ايه, هى ليه تقولك لأ؟ انت لا ناقصك فلوس ما شاء الله يعنى و شخصيتك جميلة و معاك شهادة, ناقص بس تبتدى شغل و تستقر"
"مش هختلف معاك بس هى حلوة بزيادة انا خايف اكون مستاهلهاش"
"صاحبى انت محتاج تبص لنفسك فى المراية"
"طب بقولك ايه فكك من الحوار ده دلوقتى و تعالى نلعب شطرنج قبل ما العيال تيجى و تخربلنا القاعدة"
بعد قليل جاء الاخرين و جلسنا بضع ساعات حتى غادرت تاركا اياهم مكملين احاديثهم السطحية و وضعت السماعات باذناى محاولا اطفاء ضوضاء عقلى حتى عدت للمنزل و دخلت غرفتى مواجها مرآة ممسكا هاتفى و تلقائيا اتصلت بسلمى.
بعد ثوانٍ قليلة ادركت ان الوقت تعدى منتصف الليل فاغلقت المكالمة بسرعة و لحسن حظى ان اجهاد الاستيقاظ باكرا جعلنى انام بسرعة بدون ان اصارع طويلا مع افكارى.
الساعة العاشرة صباحا
الهاتف يرن فاستيقظت لأجد اسم سلمى يعتلى الشاشة فرددت بلهفة قائلا:
"صباح الخير"
فكان ردها:
..............................................
..............................................
فى حقيقة الامر افُضِل النهايات المفتوحة لتترك مجالا لخيالك, النهاية مهمة بالطبع و لكن الاهم فى المرحلة الحالية هو البداية.
فيا صديقى اجعل بدايتك ان تنظر للمرآة, لبس لترى شكلك الخارجى انما لترى ما يحويه قلبك من جمال !
Comments
Post a Comment